من الأمور الأساسية في فن سرد القصص هي فهم أن الناس دائمًا يبحثون عن مغامرة جديدة أو تجربة مثيرة ?.

أعتقد أن الناس جميعها تستيقظ كل صباح وهي ترغب في الذهاب في مغامرة أو البحث عن مغامرة جديدة. وهذا يفسر السبب في أننا نتابع حركة السائق على تطبيق "جاهز" لنرى أين وصل، أو نراقب مسار الشحنة التي طلبناها لنرى أين توقفت وكيف جاءت.

هناك شيء في طبيعة الإنسان يدفعه إلى متابعة الآخرين من مكان لآخر ?️ أو الرغبة في خوض مغامرة. الألعاب الالكترونيه، بكل تنوعها ومراحلها وعوالمها، تلبي هذه الرغبة العميقة في الاستكشاف والتجربة. إذا فهمنا هذه الفكرة جيدًا واستغللناها بشكل صحيح في عالم الأعمال، يمكننا أن نخلق قصصًا سلسة وجذابة

سأعطيكم مثالًا على حدث وقع عندما تم الإعلان لأول مرة عن اقتصاد الفضاء في القرن الماضي، وكيف تم التعامل معه من الجانب الأمريكي والجانب الروسي. في الستينيات، كان هناك سباق للوصول إلى الفضاء بين روسيا والولايات المتحدة. وكان اقتصاد الفضاء في ذلك الوقت غير معروف بشكل كبير. نعلم أن اقتصاد الفضاء قادم، لكن لم يكن هناك الكثير من المعلومات المتاحة عنه، ولم تكن هناك نخب تفهم تفاصيله.

السؤال هنا هو: كيف يمكننا أن نسرد قصة هذا الاقتصاد ونشارك الجميع في هذه الرحلة، خاصة أنه اقتصاد مكلف للغاية؟ فعليًا، في ذلك الوقت انفقت الدول من 2 إلى 4% من ناتجها المحلي على مشاريع الفضاء. وفي عالم الأعمال، يكون الخطر في جعل الأمور أكثر تعقيدًا عند التحدث عن أسماء الهيئات التي بدأت في هذا المجال، والأهداف، والاستراتيجيات، وما يُعرف غالبًا بـ "نشرات الإصدار". مثل أن يُقال "تم إصدار قانون يحفظ بأننا نذهب إلى الفضاء وما إلى ذلك". والحقيقة هي أن لا أحد يستيقظ في الصباح ويرغب في التعرف على كل هذه التفاصيل.

لذلك، المفتاح هو التركيز على سرد القصص بطرق تبسط المفاهيم وتجعل الناس يشعرون بأنهم جزء من هذه المغامرة.في عالم الأعمال، عندما نتحدث عن الأهداف والاستراتيجيات، نجد أن الأمر غالبًا ما يبدو كإصدار نشرة طويلة ومملة. نقول مثلاً: "صدر قانون جديد يتيح لنا الذهاب إلى الفضاء" أو "تم اتخاذ قرار بخصوص هذه المسألة أو تلك." ولكن، الحقيقة هي أن لا أحد يستيقظ في الصباح ويشعر بتغيير حقيقي بسبب تلك النشرات.

ما فعله الرئيس الأمريكي جون ف. كينيدي كان مختلفًا تمامًا. لقد أخذ الناس معه في رحلة، وقال:

"في نهاية هذا العقد، نريد أن نضع رجلًا على سطح القمر."

بهذا التصريح، فهم الجميع الفكرة؛ لأنه عندما ننظر إلى القمر ليلاً، نستطيع أن نتخيل أن هناك إنسانًا ذاهبًا في رحلة للوصول إلى هناك. وعندما وصل نيل أرمسترونغ إلى سطح القمر، قال كلمته الشهيرة: "هذه خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة كبيرة للبشرية." بهذا الشكل، نجح كينيدي و أرمسترونغ في جعل الناس يشعرون بأنهم جزء من هذه الرحلة التاريخية. وهذا يفسر سبب تذكرنا لهذه المغامره الامريكية مع عدم معرفة اي شيء عن اقتصاد الفضاء لروسيا.

بنفس الطريقة، يمكننا استخدام هذا النهج في عالم الأعمال. على سبيل المثال، كنت أعمل في مجال الابتكار بإحدى شركات التقنية، وكنا نحاول دائمًا شرح مفهوم "المدن الذكية" في الاجتماعات. كان الكثير من زملائي يتحدثون عن التفاصيل التقنية المعقدة والأزرار والأشياء الأخرى، والحقيقة أنني لم أكن شخصًا تقنيًا، لذا لم أكن أفهم هذه التفاصيل بشكل جيد. لكن ما كنت أفعله هو محاولة تقديم القصة الكبيرة والتحول الذي سيحدث.

كنت أقول للناس: "أنت تبني مدينة بمعايير جديدة لم ترَها البشرية من قبل، ونحن هنا لنساعدك خلال هذا التحول." بدلاً من التركيز على التفاصيل التقنية، كنت أشرح لماذا نريد هذا التحول وما يعنيه للشخص الذي أمامي. وبعد أن فهمت مشكلته وأخذته في رحلة، استطعت أن أشرح كيف يمكن لتقنياتنا أن تساعده.

لذلك، عندما نعرض أي شيء في عالم الأعمال من خلال سرد القصص، يجب أن نفكر دائمًا في كيفية تحويل الإنسان من نقطة ألف إلى نقطة باء. هل سيدرس معنا في الجامعة ويتحول من مجرد مهندس إلى مهندس إداري مثلاً؟ ما هو التحول الذي سيحدث عندما ينضم إلينا في مغامرة في عالم الأعمال؟

إذا كنت ترغب في تعلم المبادئ الرئيسية لتنسيق عرضك القادم، بإمكانك الاطلاع على دورتنا هنا: https://shorturl.at/qH6l6